-
تساءلنا في المقال السّابق عن كيفّية تحقيق خيريّة الأمّة الإسلاميّة في السّياق المعاصر، وذكرنا أن التمسّك بالشّعائر أو إعلان الانتماء الهويّاتي للإسلام ليس كافيا لتحقيق هذه الخيريّة، بل يجب إستعادة الوظيفة الرّساليّة للأمّة عبر عدّة عناصر من بينها الأمر بالمعروف باعتباره قيمة إنسانيّة شاملة لا تقتصر على الواجبات الدّينيّة، بل تشمل كلّ ما تعارف عليه النّاس من قيم الخير والعدل والرّحمة وحقوق الإنسان، والنّهي عن المنكر بوصف هذا الأخير اعتداءً على الكرامة الإنسانيّة، وبالتّالي فإنّ النّهي عن المنكر يعني النّهي عن الظّلم، ومقاومة الاستبداد والفساد، ورفض الاستغلال الاقتصادي ومقاومة الاحتكار، وفضح التّمييز العنصري والطّائفي والتهميش، ومناهضة الجهل والتّضليل. سنحاول في هذا المقال أن نقدّم عرضا مبسّطا عن مفهوم «الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر» ضمن تصوّرنا الإصلاحي المعاصر وتأصيله، على أن نتطرق في حلقة قادمة إلى كيفيّة تحرير هذا المفهوم من أَسْر الشّعارات، وردّه إلى مركز الفعل الإصلاحي المجتمعي من خلال أمثلة عمليّة.
م.فيصل العش
-
تعمد الهويّةُ المغلقة إلى التّلاعب بالمعرفة؛ فبدلًا من أن تكون المعرفةُ سعيًا متواصلًا لاكتشاف الحقيقة، والكشف عن المزيد من طرق الوصول إليها وتجليتها، وتظلَّ أفقًا مفتوحًا للأسئلة والمراجعات النّقديّة، تصير وظيفتُها الدّفاعَ عن الهويّة، وتبريرَ أخطائها وإخفاقاتها مهما كانت مفضوحة. ولا تقتصر هذه الهويّة على تسخير المعرفة للدّفاع، بل تستخدمها أيضًا لغلق منافذ التّساؤل والنّقد، ومنع أيّة محاولة لغربلة التّراث وتمحيصه خارج رؤيتها، مع تنمية الحنين للماضي وترسيخه عبر التكرار والمبالغة، وتوليد صورٍ فاتنة له في المتخيّل الجمعي، تُظهره بصورةٍ مضيئة لا يشوبها ظلام.
أ.د.عبدالجبار الرفاعي
-
يقوم حاليّا على السّاحة الوطنيّة جدل بين وجهتي نظر في ما يخصّ منهجيّة الإصلاح التّربوي:
- واحدة تتبنّى ما تسمّيه «عقلنة إصلاح المنظومة التّربويّة» بالانطلاق من التّشخيص الدّقيق والكمّي لواقع المنظومة التّربويّة عبر مسارها التّاريخي والاعتماد على هندسة إصلاح النّظم التّربوية وعلى التّكنولوجيا اللاّمادّية.
- وثانية تحذّر من الإسراف في التّكميم والنّمذجة وادعاء التّحكّم العقلاني المسبق في مسارات العمليّة التّربوية، وتوصي بالمرونة والمرافقة وتدعو إلى اعتماد منهجيّة استشرافيّة مرنة للاستعداد لحاجات مستقبل المنظومة التّربويّة والفاعلين فيها. أي الانتباه إلى التّحوّلات الكيفيّة التي هي على قدر من الخفاء والمباغتة والنّاتجة عن الإرادة الحرّة للفاعلين التّربويّين بصفة خاصّة والفاعلين الاجتماعيّين بصفة أعمّ، ومواكبتها بالاستيعاب والحوار.
د.مصدق الجليدي
-
أعلنّا منذ بداية البحث أنّنا نحاول التّفكير مع مالك بن نبي، وليس فقط معرفته، بمعنى العمل على تثوير مفاهيمه التي ابتكرها وإعادة إخراجها وإلباسها معاني جديدة من أجل اختبار قدرتها التّأويليّة والتّشريعيّة على إيجاد مسالك ودروب جديدة للفكر والمعنى أو إيجاد حلول للمشكلات التي تنخر جسم الوعي العربي والإسلامي المتمزّق. وانطلقنا في الحلقة السّابقة (العدد 216) بعرض تشخيص المرض الذي نخر جسم الأمّة الإسلاميّة المتمثّل في أفول الرّوح وتراجع الطّاقة الأخلاقيّة رغم بقاء العقيدة، ما جعل الإيمان فرديًّا فاقدًا للفعّالية الاجتماعيّة، وخلصنا إلى أنّ السّبب في ذلك يعود إلى عدم الاعتناء بالنّواة القيميّة والرّوحيّة التي يعتبرها مالك بن نبيّ النّواة المركزيّة بوصفها الشّرط الأساسي لانطلاق نهضة جديدة، والتي من أجلها دعا إلى تأسيس علم جديد هو «علم تجديد الصّلة بالله». ثمّ قدّمنا تعريفا لموضوع هذا العلم وعلاقته بالتصوّف وعلم الكلام وفلسفة التّربية، وسنسعى في هذه الحلقة إلى استخراج محاوره الكبرى، وإبراز ضرورة الأخذ بالقيم إلى القيمة العمليّة وأهمّيتها، بما أنّه لاعلم من دون عمل، ولا قوّة نظريّة من دون قوّة عمليّة.
أ.د. عبدالرزاق بلقروز
-
على وقع آثار النّظام المالي المهيمن والمُتسبّب فيما آلت اليه أوضاع البشر من استضعاف وعُسر حياة، وبإرادة واعية ومسؤولة في البحث عن نظام مالي بديل يكون قويّا ومنصفا، وصلنا الى أنّ محور النّظام المالي المنشود هو الإنسان وتحقيق النّفع له، على نقيض السّائد الّذي يتمحور حول المال وتحقيق النّفع لمن له المال، كما وصلنا الى أنّ أركان هذا النّظام هي ثلاثة: الكرامة والتّعاون والاستخلاف، وأنّ دور تلك النّظم الثّلاثة، تباعا هي حماية كرامة الإنسان المستهدفة من عدوه، وبناء علاقة أخوّة قائمة على التّعاون بين كلّ النّاس لتحقيق النّفع لهم جميعا، والاستفادة من علاقة التّسخير الّذي قضاها الخالق بين الأشياء والإنسان وذلك لتشييد علاقة استخلاف بينه وبينها، علاقة تقوم على الرّحمة، على نقيض التّطويع أو الإستنزاف، كلّ ذلك لضمان مكوث ذلك النّفع.
نجم الدّين غربال
-
أيَّاً تكن النّتيجة… وأيَّاً تكن غزّة شاهدة أم شهيدة… وأيَّاً يكن التّقييم واختلاف زوايا النّظر، فإنّ طوفان الأقصى كان حدثاً مفصليّاً في تاريخ قضيّة فلسطين وفي تاريخ الكيان الصّهيوني… ونشأت عنه وستنشأ استحقاقات كبرى.
أ. د. محسن محمد صالح
-
صحيحٌ لكلّ فصل من فصول السّنة طقوسٌ مميّزة في الاستجمام، ولكنّ فصل الصّيف له نواميس خاصّة في القراءة والسّفر والدّعة، فهو الفصل الذي يجعلني في حِلّ من التزامات الشّغل وضوابطه. ولهذا أرى الصّيف إغواء بالرّحيل في الكتب، والرّحيل في الجغرافيا أيضا، وكلاهما عندي انعتاق. وقد يقول قائل لكلّ فصل قراءاته ولكلّ موسم آدابه، ولكن في عرفي لا ارتباط للفصول والمواسم بنوعيّة القراءة. ولذلك أتحيّرُ من مكتبات إيطاليا، حين توزع أشهر السّنة وفصولها على نوعيّات مخصّصة من الكتب والمؤلّفات، تُعرض دوريّا على القراء. فهناك موسم لكتب الفاشيّة، وآخر لكتب الشّواه (المحرقة)، وثالث لشواغل السّياسة الدّاخليّة واستتباعاتها الدّوليّة، وغيرها من تدفّقات النّشر المرتبطة بالأحداث والوقائع التي تشغل الرّأي العام؛ وضمن سياق دورة الماركتينغ تلك، هناك كتب الكلاسيكيّات التي تعود دوريّا تبعًا للفصول والمواسم، وكأنّ أصحابها يبعثون من مراقدهم من جديد. في حين ثمة كتّاب أحياء يُدفعون قسرًا إلى الواجهة وبإلحاح لغرض تكريسهم. أُدرك جيّدا اشتغال ماكينة النّشر في الخلف التي تُظهر من تريد وتحجب من تريد، ولكن ذلك حديث آخر عن صناعة النّجوم في الفكر والآداب.
د.عزالدين عناية
-
يتكوّن هذا البحث -الذي نقدّمه للقراء في ثلاث حلقات متتالية-، من محاور ثلاثة، الأول لتحديد مفهوم الإنسان من حيث الاشتقاق اللّغوي وفي الرّافد الإسلامي وعند فلاسفة الإسلام، وكذلك في الوافد الغربي، وقد عرضناه في العدد الفارط(216)، والثّاني نخصّصه لمفهوم الإنسان عند بيغوفيتش وهو ما سنتطرق إليه في هذا العدد ولنختم بالثّالث وهو مستقبل الإنسان بالنسبة لهذا المفكّر المتميّز وهو ما سيكون موضوع الحلقة القادمة إن شاء الله (218).
أ.د.محمد بن علي
-
إنّ تطرّقنا بالدّراسة لحادثة الإفك يدخل في باب إعادة فهم ما يُشكّل الوعي الحالي، إنْ بصورة كلّية أو جزئيّة. ومن هذا المنطلق يتأكّد الحفر في صفحات عديدة من الموروث لإعادة بنائه عبر الفهم والنّقد والمقارنة والتّدقيق انطلاقا من عرض الرّواية على الرّواية، وإظهار ما تعمّدت الأعراف الثّقافيّة إخفاءه رغم ورود ما يدلّ عليه في المدوّنات والموسوعات. وليس أمام البحث العلمي إلاّ النّبش في الوثائق وتدبّر النّصوص من أجل إنتاج معارف جديدة وأفهام مغايرة لما صوّر على أنّه نهائي. وإذا أثبتت التّواريخ بطلان رواية أو زيف حكاية، فإنّ واجب الباحث لا يزيد عن التّنبيه والتّوضيح.
انطلقنا في بحثنا في الحلقة الأولى من هذه السّلسلة بعرض قصّة «حادثة الإفك» كاملة كما وردت في الجامع الصّحيح للبخاري، وبالرّغم من أنّ الّذين درسوا حادثة الإفك واهتموا بها لم يقفوا على إشكاليّة السّند، وهو ما سنشير إليه في موضع لاحق. فإنّ الجدير بالملاحظة، هو أنّ هذه الدّراسات تعاملت مع رواية البخاري على أنّها رواية مطابقة للواقع وأنّها نهائيّة، فانبروا يستخلصون منها العبر والفوائد وهو ما تطرقنا إليه في الجزء الثّاني من المقال السّابق، فعرضنا بعض ما استنبطه الدّارسون من القصّة من العبر والدّروس، وفي هذه الحلقة نواصل تطرّقنا إلى «حادثة الإفك في التّراث» بتبيان مظاهر الاضطراب والتّذبذب سندا ومتْنا في الرّوايات المتعلّقة بحادثة الإفك وإبراز التّناقض الواضح في هذه الرّواية التّراثيّة بين الأخذ بالمقدّمات والتبرّؤ من النّتائج والخواتيم.
د.ناجي حجلاوي
-
يتناول هذا المقال -الذي يأتيكم في أربع حلقات متتالية- بالتّحليل «دور المدرسة» في مواجهة التّطرف، بالإشارة إلى تأريخ الاصلاحات التّونسيّة وما حقّقته في مجال التّنشئة الاجتماعيّة والسّياسيّة، ويسائل مرجعيّاتها وكتبها المدرسيّة ونبض الأنشطة وإجراءاتها صلب المنظومة التّربويّة، وكيف اختزلت في تعديلات دون أن ترتقي إلى اصلاح حقيقي وشامل يستوعب ثقافة المسؤوليّة الاجتماعيّة. ذلك أنّ المدرسة لم تتأسس على براديغم واضح المعالم ورؤية وطنيّة محدّدة واستراتيجيّة متماسكة واستشرافيّة في تجفيف منابع التّطرّف. فالنّظام التّعليمي يقتصر على كونه مادّة علميّة تحمل قدرا من المعارف، دون تفاعل مع حيثيات تحولات الواقع وتنامي المخاطر وأساسا ظواهر التّطرّف، وأنّه لا يتناسب مع متطلّبات ترسيخ المهارات والقِيم ومن ثمّ المواقف لدى النّاشئة بما يمكّنها من تملّك القُدرة على مواجهة الأفكار المتطرّفة ودحضها.
تعرضنا في الحلقة الأولى بالتّحليل إلى ضبابيّة مفهوم التّطرّف وغموضه والسّياقات السّياسيّة والثّقافيّة والتّعليميّة التي ظهر فيها، ثمّ عرضنا بعض نماذج من الكتب العربيّة التي تنشر التّطرّف وتحدثنا عن معركة المقرّرات، وقدّمنا في الحلقة الثّانية بصفة مقتضبة بعض الإشارات حول المرجعيّات التّربويّة والمقرّرات المدرسيّة التّونسية وتعاطيها مع مسألة التّطرّف. وفي الحلقة الثالثة بيّنا المحدودية الكبيرة في التّطرق إلى محاور التّطرّف في المدرسيّة والخيارات التّربويّة من خلال عيّنة من المواد الدّراسيّة. ونختم بحثنا في هذه الحلقة بـتقديم مقترحات على مستوى المداخل التّعديليّة كمراجعة البرامج والمنهجيّات في اتجاه إرساء تعليم جيّد يتيح صياغة مواطنة فاعلة وتنشئة مدنيّة مشاركة ومقاومة للعنف وللتّطرّف وبلورة خطّة لمكافحة التّطرّف في الوسط المدرسي يشارك في وضعها الفاعل التّلمذي.
د.محرز الدريسي
-
في عصرنا الحديث، حيث أصبحت الصّورة اللّغة السّائدة في نقل الأفكار والمعلومات، وتغزو وسائل الإعلام والتّكنولوجيا البصريّة كافة جوانب الحياة، يتغيّر مفهوم الإنسان للواقع والحقيقة بشكل كلّي. فلم تعد المعرفة تُقاس فقط بما يُدرك بالحواس، بل صارت الصّورة نافذته الأساسيّة على العالم، تفرض رؤيتها وتحدّد معايير الحقيقة والواقع. هذا التّحوّل الكبير يثير تساؤلات جوهريّة حول مكانة الإيمان بالغيب، ذلك المفهوم الذي يشكّل ركيزة أساسيّة في العديد من الأديان والثّقافات، ويعتمد على التّصديق بما هو غير مرئي وغير محسوس.
د. أمينة تليلي
-
تقوّي الزّكاة من ناحية التّربية الرّوحيّة الإيمان والامتثال والطّاعة والشّكر للّه، وتحرّر النّفس من عبادة المال وسطوته، وتغرس في التّربية الخلقيّة عند المزكّي فضيلة الإخلاص والصّدق والأمانة والبذل والعطاء والرّحمة والتّراحم، فمن المقاصد السّامية للزّكاة تطهير القلوب وتزكيه النّفوس وإصلاح الصّدور، كما لها أثر في تحقيق العدالة الاجتماعيّة حيث تحقّق التّضامن والتّكافل بين النّاس، وتقريب الفوارق بين الطّبقات، وتقوّي روح الحبّ والمودّة بين أبناء المجتمع، وبذلك يُوجد المجتمع الفاضل.
أشرف شعبان أبو أحمد
-
تكمن أهمّية البحث في الكشف عن أهمّ تحدّيات التّحوّل الدّيمقراطي في سوريّة، ومحاولة بلورة رؤى عن كيفيّات التّعاطي المجدي مع هذه التّحديّات لنجاح التّحوّل، بما يفتح أفقًا لاستكشاف هذه الكيفيّات، بالاستفادة من الدّراسات والتّجارب السّابقة ذات الصّلة بعمليّات الانتقال، تعثّرًا ونجاحًا. وسنعتمد في إعداد البحث على منهج مركب (وصفي – تحليلي – مقارن)، لضمان انتقال سوريّة من الاستبداد إلى الدّيمقراطيّة.
تنقسم الدّراسة إلى ثلاثة أجزاء، استعرضنا في الأول (العدد 216) الإطار المفاهيمي باختصار، والمقارنة مع دراسات وتجارب سابقة حول عمليّة التّحوّل الدّيمقراطي، وفي هذا الجزء الثاني سنستعرض أهمّ تحدّيات التّحوّل الدّيمقراطي في سورية، وفي الثالث (العدد القادم) نتطرق إلى كيفيّات التّعاطي المجدي مع التّحديّات، ثمّ نختم بأهمّ الاستنتاجات والتّوصيّات.
د.عبدالله التركماني
-
الخلافة الرّاشدة ليســت ملزمـــــة في عنوانها وبنائها، بل فـــي قيامهــــا على حسن إستلهام المنظومـة القيميّة الإسلاميّـــــــــــة (أي إقامة الكتاب ومعــــه الميـــــزان والحديــد تأسّيـــا بما فعلـه هو ﷺَ). ومن ذا فهـــي غير مقصـــــــــــــورة على مرحلــــــــة زمنيّــــة معيّنـــة أو رجال محدّدين. بل هـــي مجعولة لمن لها يتصدّى بناء وتأسيســـا وحسن معالجة.
الهادي بريك
-
في مسيرة الحياة، يسعى الإنسان جاهدًا إلى تحقيق النّجاح والتّوازن، لكنّه كثيرًا ما يواجه عقبات وصعوبات تعيق تقدّمه. غير أنّ القوانين الإلهيّة، كما وردت في القرآن الكريم، تحمل بين طيّاتها سننًا كونيّة تعمل لصالح من يسير وفقها. ومن بين هذه القوانين ما يمكن تسميته بـ «قانون التّيسير»، المستوحى من قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ* فَسَنُيَسِّرهُ لِلْيُسْرَىٰ﴾(الليل: 5-7). هذا القانون يوضّح أنّ العطاء والتّقوى والتّصديق بالخير تفتح للإنسان أبواب التّيسير في الحياة، حيث تسير الأمور بانسيابيّة وتتحقّق الأهداف بأقلّ عناء، وفق سنن ربّانيّة دقيقة.
محمد أمين هبيري
-
من بين ما تتميّز به الشّريعة الإسلاميّة أنّها تهدف إلى جلب المصالح ودرء المفاسد، والمصلحة نسبيّة لذا وجب الرّجوع فيها إلى الشّرع العادل، والمصالح على ثلاثة أقسام:
* مصالح معتبرة: وهي المصالح التي شرّع الشّارع أحكاماً لتحقيقها، ولها شواهد من القرآن والسّنة أو الأحكام الشّرعيّة ككلّ تدل على اعتبارها عللاً لما شرعه. مثل حفظ الحياة، وحفظ العقل وحفظ النّسل، وحفظ المال، وحفظ الدّين من طرف الشّرع.
* مصالح ملغاة: وهي المصالح التي دلّت نصوص الشّارع على إلغائها وتحريمها أو بطلانها. قد يعتبرها البعض مصالح، ولكنّها شرعا ملغاة بشواهد من أحكام الشّرع، لأنّ اللّه حرّمها. فكلّ ما حرّم اللّه لا يمكن أن يكون موضوع مصلحة، لأنّ الشّرع ما حرّمه إلاّ لأنّه مفسدة في ذاته أو يؤدّي إلى مفسدة، مثال ذلك: حرم اللّه الخمر، ولا أحد يمكن أن ينكر مضرّته.
د.علي رابحي
-
للأمراض علميّتها، كما لها شاعريّتها. يشخّصها الأطبّاء بموضوعيّة، ويصفها الشّعراء بإبداعيّة. هؤلاء يراقبون ـ بمهنيّةـ أعراضها ومضاعفاتها الجسمانيّة والنّفسيّة، وأولئك يعبّرون ـ بوجدانهم ـ عن عراكها وصراعها الجسدي والنّفساني. يفخر الأطبّاء والجرّاحون بوصفهم العلاج النّاجع، وتدخّلهم الجراحي النّافع. بينما يدبج الشّعراء قصائدهم محبّين للحياة، وجلين من الغياب والموت. تتنوّع الأمراض ما بين قديم، وحديث ومستحدث، وزائرة (أوبئة)، ومُقيمة (متوطّنة)، فهل لشعريّتها عراقة ومناسبة في ديوان العرب، قديمه وحديثه؟. وهل استفاد الأطبّاء في ساحة الطّبّ من «شاعريّة» المرض عند الشّعراء؟ وهل وصف الشّعراء أمراضهم وصفاً علميأ، وصوّروها بدقّة تشخيصيّة، وصبّوا ذلك في قوالب فنّية، تنبّئ عن ثقافتهم، وتجربتهم الفنّية؟..
أ.د. ناصر أحمد سنه
-
تُؤَرِّقُنَا في كلّ مرّة هواجس العيش وفنونه، سؤال السّعادة التي ينشدها الإنسان هربا من وطأة الوجع المشاكس، فنطبق حواس الجسد لنفتح عين الرّوح في دواخلنا، إذّاك تتلقّفنا فلسفات العيش السّعيد كأفيون جديد مخلص وكتمارين روحيّة؛ ليست المسألة قدحيّة بطبيعة الحال بل لا تزيدها في نظرنا إلاّ رقيّا، أن تنشغل الفلسفة بانفعال الموجود مع الوجود، أي أن تتّصل بحياة الفيلسوف عملياً.
لحسن أوزال العديد من الاصدارات المهمّة تأليفا وترجمة، وأبحاث ومقالات، وقد شارك في العديد من النّدوات داخل المغرب وخارجه؛ في هذا الحوار مع المفكر المغربي حسن أوزال، الذي يأتيكم في جزءين، وبمناسبة نشره لمنجزه الفكري الأحدث، أتساءل وإيّاكم معه عن ضروب ما قُمْتُ ببسطه آنفا، عن فنّ العيش الحكيم لا أن نحيا فقط لأنّ صدورنا ما زالت تستنشق عَبِيرَ أو زَنَخَ الحياة ..
محمد بن الظاهر
-
إنّ من المسلّمات والبديهيّات أنّ الإنسان سيفارق دنياه طوعا أو كرها، عاجلا أو آجلا، وقد يغفل عن مصيره ومآله الحتميّ في خضم معترك الحياة نتيجه لسعيه وحرصه وتعلّقاته وتوثّبه للنّيل من متاعها وملذّاتها ولكثرة همومه وإهتمامه بشؤونه الدّنيويّة.
شكري سلطاني
-
«ﻻ ﻳﻌﻮد اﻟﻤﺮء ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ وﻫﻮ ﺑﺨﻴﺮ. … اﻟﺬي ﻳﻜﺘﺐ، ﻳﻌﺎﻟﺞ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ شيءٍ ما»
لا أعرف مصدر هذا الاقتباس الذي أدعم نصفه الثّاني على الأقل، الذي يقرّ أن من يكتب، إنّما يعالج نفسه من شيء ما. ولا أعتقد أنّ المرء لا يعود إلى الكتابة وهو بخير. لماذا؟
أوّلا، لا يختلف إثنان في أنّ الكتابة أرقى وسائل التعبير الحر والمسؤول لما تتطلبه من هدوء وروية. ثم ثانيا ، لأنّ الكتابة تتجاوز حدود التعبير الشفوي أو الشفهي بل تلحقه بكل الوسائل الاخرى التي يستخدمها الأفراد للتواصل ونقل الأفكار والمشاعر. فما الكتابة إلا توثيق لمضمون الكلمة على اختلاف اشكالها ولما تحمله من معنى.
م.رفيق الشاهد
-
في عالمٍ غلبت عليه محاولات التوفيق بين الفكر الإسلامي والمناهج الغربية، برز الشيخ محمد عبد الله دراز (1894–1958) كأحد أبرز المفكرين الذين سعوا لإثبات أصالة القيم الإسلامية ومكانتها في حقل الأخلاق والفلسفة، بعيدًا عن التبعية أو التقليد، مع المحافظة على منهج علمي صارم وأدوات تحليل دقيقة.
التحرير الإصلاح
-
لا بارك الله في عجم وفي عرب *** وآل غزة في هم وفي نكب
قد سلط الله نجسا لا عهود له *** على نفيركم لقط بلا نسب
قد وارى سوآتكم خزيا لموقفكم *** وإن تمركم حشف بلا رطب
عبد الله الرحيوي
-
هذا المقال الذي نقدّمه في حلقتين متتاليتين - هو كما يشير إليه العنوان - محاولة لتشخيص واقع مؤسّسة الأسرة التّونسيّة وتأثّرها بالتّحولات المجتمعيّة والثّقافيّة والتّحديات المعاصرة من حيث طبيعة العلاقات بين الزّوجين أو بين الآباء والأبناء، بالإضافة إلى تناول مرحلة إنشاء هذه المؤسّسة بالدرس منذ مرحلة ما قبل الخطوبة إلى مرحلة الزّفاف، وإشكاليّات تفكّكها والإخلالات القانونيّة والاجتماعيّة المصاحبة لذلك.
الباشا بوعصيدة